الأحد، 17 مايو 2009

نداء الجسد



تحت أشعة شمس حانيه على أحد شواطئ الغردقه تمدد محمد بقامته الفارعه واضعا قبعه كالتي يرتديها السائحين الاجانب فوق وجهه متقيا بها أشعة الشمس ، ومواصلا قدح فكره فيما سيؤل إليه أمره ،، قطب ما بين حاجبيه وهو يحاول حساب المده التي مكثها هنا ،، نعم سنه وتسعة أشهر ،، لم يستطيع أن يدخر خلالها إلا القليل ،، وليس كما كان يحلم حين غادر قريته الصغيره ، يومها عزم على مواصلة العمل ليل نهار لتوفير ثمن تذكرة السفر إلي أحدي الدول الأوربيه ،، ودفع تكاليف التأشيره لمكتب السياحه الذي يوفر تلك التأشيرات ،، صديقه الذي عاد بعد سنه كان يرطن بعدة لغات كما أخبرته أمه حين حضر للسلام علىه ،، بعدما جمعتهما جلسة طويله رسخ في قناعته أنه لابد أن يسافر ،، كل حلول مشاكله هناك ،، لكن من أين له تكاليف السفر ،، هداه تفكيره إلي العمل في القري السياحيه ،، يحكي بعضهم عن يسر العمل هناك وكثرة المال ،، أتخذ قراره بسرعه ،، لم يمض وقت حتي إلتحق بوظيفة بإحدي القري السياحيه ،،ساعدة إتقانه لعدة لغات،، أقلقته في البداية مظاهر العري والصخب والمجون الذي يمارسه السياح ،، والذي يختلف كليا عن بيئته الريفيه المحافظه ،، لكنه وبعد أيام قليله وجد نفسه مندمجا ومتوافقا مع كل ما حوله ،، عمله يبدأ مع غياب أخر ضوء للشمس ، أما النهار بطوله فهو ملكه يفعل فيه ما يشاء ،، كان يمضي ساعات النهار الاولي مستلقيا أمام البحر ،،

أفاق على صوت رقيق يسأله في نعومه أذا كان يتحدث الألمانيه ،، أزاح القبعه من على وجهه وألتفت إلي الصوت ،، وجد أمراة في بداية العقد الخامس ،، لم تستطع السنين أن تواري جمالها الأخاذ او تغير من جمال ورشاقة الجسد الفتان ،، تبسم وهو يرد علىها بالألمانيه ،، تهلل وجهها وهي تري أخيرا أحد يتكلم لغتها ويفهمها
سالته عن أسمه وأين تجده حين تريده ،، ودعته بأبتسامة وهي تغادره عائدة إلي حجرتها المقابله للشاطئ،، تذكر وجه حبيبته التي تمت خطبتها قبل أشهر بعدما فشل في إقناع أهلها بالموافقه على الخطوبه وهو العاطل عن العمل،، أبتسم في يأس وهو يحدق إلي الموج ،،

بعد إنسحاب اخر ضوء للشمس تاركا لليل البراح كي يمارس مع عشاقة أقصى طقوس الصخب والأنفلات كان محمد يراوح بين الحضور ملبيا طلبات الجميع في خفة ،، بأبتسامته الصافيه وجسده المتناسق ، سمار بشرته المحبب ،، كان مقربا من الجميع خاصة وأنهم يستعينون به حين تعجز الألسن عن التلاق ،، فيسرع هو لفك شفرتها بمهارة وذكاء ،، لمحها أثناء مروره بين الحشود نادته بلكنه غربيه أبتسم وهو يتوجه إليها ،، قدمته الي الجالسين معها بفرح وهي تخبرهم إنه يتحدث الألمانيه بطلاقه بجانب لغات أخري ، دعته أن يشاركهم جلستهم ، أقترب إليها وهو يهمس انه في وقت العمل ، أومأت برأسها متفهمه ، ثم أشارت إليه أن يقترب همست له أريد أن أراك بعدما تنتهي من عملك ، وافقها بأيمائه وهو يهم بالانصراف ،، كان قد تعود على مثل تلك الدعوات وفي غالبها ينسي أصحابها الموعد بعد أن تكون رؤسهم قد أثقلها الشراب ،،

حين أنتهي عمله برحيل الليل بدل ملابسة وأتجه صوب الشاطئ كعادته ،، شبك يديه خلف رأسه وأستلقي في مواجهة البحر ،، مضت دقائق قبل أن يستمع لصوتها من جديد ، سألته بنيرة عاتبه أين أنت ألم نتفق على اللقاء ،، أعتدل وهو يتمتم بالأعتذار ،، سحبت أحد الكراسي قربه وجلست في مواجهته ،، نظر إليها هنيه وفغر فاهه عن إبتسامه وهو يلمح جمالها الذي عاند مرور الأيام وأستقر ببهاء تحسدها عليه بنت العشرين ،، بدهاء الأنثي أحست بالرغبة التي تملكته وهو ينظر إليها ، تصنعت تجاهلها لنظراته النهمه ، نظرت إلي البحر وهي تتمتم تملكون هنا في بلادكم أجمل الشواطئ وأفضل طقس ، أبتسم وهو يومئ موافقا ثم أردف ، لكنكم في بلادكم إستحوذتم على الجمال البشري كله ، إلتفتت إليه وهي تبتسم وقد همت بخلع ملابسها متساءله إن كان يجيد السباحه،، هب واقفا وهو يمسك بيدها الممدوده صوبه ،، خلع قميصه وأتجه معها إلي البحر تعمدت أن تسبقه بخطوات ، ولم يفوت هو الفرصه مرر ناظريه على الجسد البض الذي يتمايل أمامه في غنج ،، لم تمنعه كلمات والده الأخيره له عندما قرر السفر حين همس له أحفظ الله يحفظك وتذكر أنه مطلع علىك دائما ،، وقتها مال على يده يقبلها لكنه لم يكن يصغ جيدا لأحرفه ،، أستمرت عيناه في معانقة جسدها شبه العاري حتي أختفي بين الأمواج وهي تدعوه أن يلحقها ،، ألقي ورائها بجسده ، غمرهما الموج وكانت البداية،،

أعتاد محمد أن يذهب يوميا بعد أنتهاء عملة إلي حجرتها ،، يمضي نهاره على سريرها وهي تدللة ، حتي موعد عمله فيغادر متكاسلا وهي تحاول جاهدة ألا يتركها للحظه ،، لم يمض وقت طويل حتي ترك عملة بعدما أخبرته بأنها ترغب في أصطحابة معها لوطنها ،، لم يصدق في البداية ،، لكنه أيقن جديتها في الأمر بعدما تكرر سؤالها له عن موعد إستلام جواز سفره ، كانت نقاشتهما العابره في هذا الموضوع تجعله غير قادر على وضع تصور كامل لقرار كان قبل أشهر يعتبره قرار مصيري ،، لقد كان يرتب للسفر لكنه سفر لتحقيق طموحه ، لبناء مستقبله ماديا ، أما الأن فالوضع مختلف ،، سيكون مرتبطا بها وبطموحاتها ، لقد وعدته أن يدير لها كافة أعمالها ،، يستشعر صدقها فهي عاشقة ،، لكنه كان يتساءل أين هي مشاعره الأن ؟،، هل هي مجرد نزوة ،، أم تراه قد تعلق بها وبدأ يحبها ،، لم يدر بالضبط أين هو ،، وماهي مشاعره ،، برغم جمالها الآخاذ ، وفتنة جسدها الطاغيه ، إلا إن هذا لم يخف فارق السن بينهما ،، هل سيوافق والده على زواجه منها ؟ ،، ومن سيخبره أصلا ،، حاصرته الأفكار وتردد في أتخاذ قراره،، شعرت بتردده ولم ترد أن تضغط عليه ،، تعرف أنه سيتخذ قراره في النهاية ،، هو فقط يحتاج لوقفتها بجانبه ،، يحتاج إلي الشعور بالأمان الذي سيساعده لتغيير مجري حياته ،،

في ليله صافيه مقمرة جلست في أحضانه على شاطئ البحر وقد أحتواها بذراعيه القويين ، كانت تغمرها السعاده وهي تستشعر دفئه وحنانه ،، همست في دلال لقد أقترب موعد سفري ، وأنا أشعر أنك لست مستعد بعد لمغادرة وطنك ،، وأنا لا ألومك ، ولن أضطرك للمغادرة فأنا اريدك معي لنستقر هناك وتباشر كل أعمالي هناك ،، أريد أن أكمل حياتي بجوارك ،، تلعثم وهو يحاول أن يذكر بعض الأسباب والحجج ،، وضعت يدها على شفاهه وهي تلقي برأسها على كتفه وتهمس وقتما تجد نفسك راغبا في السفر أتصل بي وسأقوم بكل شيئ لتيسير حضورك
توقفت الكلمات بحلقة ،، ضمها بشدة وغرق معها في قبلة طويله،،

في صباح اليوم التالي وجدها جالسة قبالته في كامل زينتها وهي تطالع وجهه وهو نائم ،، فتح عينيه بصعوبه مد يده إليها أمسك بيدها قربها من فمه وقبلها مرت بأصابعها خلال شعره وهي تنظر إليه بوله ورقه ،، مدت يدها لحقيبتها ،، أخرجت ورقه صغيره قدمتها إليه ،، فتحها برفق أصباته دهشة وهو ينظر إليها ،، سألها ما هذا تبسمت وهي ترد هذا شيك بثلاثين ألف دولار ،، رد ودهشته مازالت تعانق تعبير وجهه أعرف قيمتها ،، قاطعته اعتقد أن هذا المبلغ كاف لبدأ مشروعك الذي حدثتني عنه يوما وحلمت بتحقيقه حينما يتوافر لك المال ،، أعتبرها هدية من صديق يحبك ،، سلفة من حبيب أمضي معك أجمل أيام عمره ،، لا أريد أن أرحل وأتركك وحدك هنا لهمومك ألم أكن سببا في تركك لعملك ،، ولا أريد أن أجبرك برحيلي على السفر خلفي دون رغبة أكيده في البقاء معي ،، كعادته لم يحر جوابا ،، وترك لعينيه مسؤلية الرد..

يوم رحيلها شعر بأنقباض قلبه ،، أراد أن يثنيها عن السفر ،، أبتسمت وهي تعتذر بلطف ، وتذكره بأعمالها التي أهملتها طيلة فترة أقامتها معه ،، أذعن للأمر ،، ودعها وهو لايدري أين سترسي سفينة أفكاره ،، تركتة أسبوعا قبل أن تتصل به لتطمئن علىه ،، كان قد رتب أفكاره قليلا ،، أخبرها أنه شرع في تنفيذ مشروعه وسيطلق أسمها علىه - كاترين نت كافيه- شجعته بفرح وهي تبثه شوقها إليه ،، حين أبصر مشروعه النور كان قد مضي على سفرها خمسة أشهر ، لم ينقطع يوما الأتصال بينهم ، أطمئنت إلي مشاعره تماما ،، وعرف هو أنها قدره ،، وشعر بحبها يتملك كيانه ،،

حزم حقائبه متوجها إلي قريته ،، كان يدرك صعوبة قراره ،، لمح والده القلق يجول في خاطره ،، أصطحبه في نزهه خارج الدار ،، لم ينبت ببنت شفة طوال طريقهم ،، ربت والده فوق كتفه وهو يهمس ألن تبوح بمكنون صدرك ، ذفر أهه وهو يهم بالحديث ،، أستمع والده دون أن يقاطعه ،، حين أنتهى شعر بأن الثقل ألذي كان ينوء به صدره قد أنزاح ،، ألتفت إلى والده المستغرق في التفكير ،، أبتسم بحكمة السنين الموسوم بها وجهه ،، وهو يرد في حزن أظنك قد أتخذت قرارك ،، فلا فائدة من أعتراضي الأن ، أبتلع ريقة بصعوبه قبل أن يحاول الدفاع عن نفسه ،، عاد والده للنظر إلي الأفق وهو يتمتم ،، لم تعد صغيرا ،، لكن تذكر أنه أختيارك أنت وحدك وأنت من سيتحمل كل نتائجه ، لن أملك لك سوى الدعاء ،، ولن أكرر ما قلته لك سابقا أحفظ الله في نفسك ودينك ،، هوى إلي يد والده يقبلها ،، مسح رأسه بيده وهو يبرت بالأخري على كتفه ،

نام ملئ جفونه تلك الليله ،، بعدما هاتفها مبشرا بقدومه ،، لم تمض عدة أيام إلا وهي تخبره بموعد حضورها لمصر مع كل الأوراق اللازمه لسفره ،، فكر أن يغلق المشروع الذي بدأه ،، رفضت وهي تذكره بأنهم سيكونون على موعد دوما مع مكان لقائهما الأول ،، تمت مراسم الزواج ببساطة وغادرا إلي موطنها في نفس اليوم ،، لكنه لم يشعر بتلك الفرحة التي كانت تعانق خياله سابقا ،، حين كان يفكر في السفر ،

مرت سنواته الأولي رائعه ،، كانت تحوطه بكامل رعايتها ،، لم تشعره يوما أنه يعمل لديها ،، بل كانت تتفنن في أرضائه ،، والحرص على مشاعره ،، ذكائه وطموحه نقلهم من نجاح إلي أخر ،،رغم سمار بشرته إلا أنه نجح في الأندماج حتي ماعاد يشبه بني جلدته في شيء ،، كان كلما حقق نجاح تصر أن تصحبه إلي مكان لقائهما الأول ،، يمضون بضعة أيام كان يحرص خلالها أن يزور والده ،، فكر في أصطحابها مره لكنه تراجع في اللحظه الأخيره ،، أحترمت رأيه ورغبته ،، تسارع مرور الزمن وبدأت نضارتها تذبل أمام فتوته وأكتمال نضوجه ،، تلفت حوله لم يجد إلا عجوز تحبه ،، لكن سؤال والده الذي كان يطل من عينيه مع كل زيارة عن الحفيد الذي يحلم به ،، كان يؤرقه ،، حاول تجاهل الامر ،، والأنغماس في العمل أكثر فأكثر ،،

في ليلة مقمرة تشبه ليلة لقائهما الأول وجدها بأنتظاره في الشرفة ،، قبلها برفق وهو يسندها بيده ،، همست في ضعف ،، أنت اعظم شيء حدث لي في حياتي ، ضمها برفق بعد أن ألقت برأسها فوق كتفه ،، حسبها قد غفت لم يرد أن يوقظها ،، مكث ساعه ، حين مد يده إليها كانت يدها باردة ،، أسلمت الروح ،، بكاها في صمت ،،، واصل بكائه حتي الصباح ،، لكنه لم يكن يدري أيبكيها وحدها أم يبكي حاله ،،
بعدما أنهى مراس دفنها عاد إلى العمل ووحدته التي كتبت علىه ،، شعر بخواء ،، وجد نفسه مشدودا إلى السفر ،، لم يفكر طويلا ،، في الصباح كان قد وصل ،، ألقي بجسده على نفس الكرسي قبالة الشاطئ ،، مرت ساعات وهو يداري عينيه من الشمس بذات القبعه ،، مل من رقدته ،، كانت الشمس قد بدأت تميل إلي الغروب ،، قام يسير بمحاذاة الشاطئ ،، كان يستمتع بهبوط قرص الشمس في مياه البحر بهدوء ،، حين غرقت الشمس تماما كان قد وصل إلي نهاية الشاطئ ،، لمح فاتنه ممده على كرسي أمامه ، ألتقت أعينهما ،، أومئ إليها بالتحيه بادلته بأبتسامه باردة ،، سألها بعفويه ، هل تتحدثين الألمانيه ...تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق