جلست في حجرتي البسيطه أعاند ذاتي قرابة الست ساعات ، أزرع الحجرة أيابا وذهابا تارة بقدماي وتارات بفكري لعلي أجدها لكن وبعد مرور الساعات فشلت ، مزقت أوراقي في غضب ، وقمت إلي نافذتي الصغيره في محاوله من محاولات الهروب المؤقت ، نظرت إلي الشارع وتبسمت ، شعرت بأني سيد العالم وكل من بالاسفل بحجم الذر ، أنتبهت لذاتي ربما هذا الشعور هو ما يعيقني عن تتمة حرف من أحرفي التي كانت طوع بناني دوما. أنطلقت أعدو هابطا صوب الشارع وجدتني مندفعا لمخالطة أرتال البشر التي لمحتها قبل قليل من نافذتي، ضوضاء ، روائح تختلط وأجساد تتدافع في لهاث ، منظومه غريبه غيبتني عن واقعي لدقائق قبل أن أندمج في تفاصيلها ،
عندها فقط نشط ذهني وبدأت أفكاري في الأنسياب كجدول رقراق وجدت الفكره بل أفكار عدة ، وكأن الجني المحبوس قد خرج بالف ألف فكره وألقاها تحت قدماي ، قادتني خطواتي إلي مقهي قريب ، بمجرد أن أستويت جالسا أخرجت أوراقي وقلمي ، شرعت في الكتابة ، وقبل أن أسترسل قاطعني صوت يسألني ماذا سأشرب ، نظرت إليه بضيق وأنا أصيح شاي تعجب من صراخي وذهب وهو يتمتم ، أمسكت بقلمي من جديد ، فأجئني صخب أصوات متنافره من داخل المقهي ، كانت هناك أحدي المباريات حمي وطيسها ، أستجمعت ذاتي من جديد وهممت بأوراقي من جديد ، لولا ما لمحته علي البعد ، شخصا يرتدي أسمال باليه ، يجر عربه خشبيه محملة بكل ماهو قديم بال وينادي ( بيكيا ) والتي فهمت فيما بعد أنها كل ما هو قديم مستغني عنه للبيع ، لكن ما شدني كان ذاك المصباح المعلق بخيط علي يد العربه ، قمت إليه سألته في تردد المصباح للبيع ، نظر إلي بتفرس ثم أومئ وهو يشير إلي المصباح ، ده من الأثارات يا بيه ، ده ظهر في فيلم علاء الدين والمصباح السحري ، أراد أن يكمل ليرفع سعر بضاعته ، لم أمهله وضعت في يده ورقة نقديه تهلل وجه بها فرحا وسارع يناولني أياه ، لم أدر سبب أندفاعي لشراء هذا المصباح ، ولم تكن عادتي التسرع في شراء شئ ، وجدتني لن أفلح في مواصلة محاولاتي في هذا الصخب ، أفلت عائدا إلي البيت ، حين وصلت وضعته أمامي وجلست محملقا فيه ، تري لو كان هناك مصباح سحري حقيقي ، وبه هذا الجني الذي يخرج في الأساطير ، ماذا كنت سأطلب منه ، تبسمت وقد راقتني الفكره ، ربما كنت سأطلب منه أن يكتب لي ألف قصه ، وربما كنت سأجعله ينشئ لي دارا للنشر ، ولكن أكنت وقتها سأرضي غروري ,اشبع رغبتي في الكتابة ، طردت أفكاري وقمت إلي قلمي وأوراقي من جديد ، بدأت في الكتابة ، وكلما كلت يدي كنت أختلس النظر إلي المصباح واتخيل الجني وهو يتقافز نشاطا فاردا عباءة الأفكار لأتخير منها ما أريد ، ثم وبسرعة أعود لأوراقي متمما ما بدأت ،
مرت الأيام وأنا ومصباحي علي وفاق نتشاطر الوقت كتابة وظنا ، لم يتحرك من مكانه وأنا لم أحاول أن أغير مكانه المواجه لي دوما ، قصتي التي بدأتها كانت قاربت علي الختام ، وكنت أستشعر جمال ما كتبت وقوة بنيانه ، لذا كنت أعيد قراءة كل ما كتبت كلما هممت بأن أكمل ، حتي تلك الليله ، توقف نزف أحرفي ، ووجدتني غير قادر علي كتابة ولو حرف واحد نضب معين الفكر ، وجلست قبالة مصباح الجني هذا ، كنت علي يقين من أنها حالة طارئه ، ستعود بعدها أحرفي لتنساب عبر الصفحات ، لكنني كنت علي خطأ ، فقد طالتني نفس الحالة السابقه ، وجلست أحملق في الأوراق تارة ، وتارة أزرع الحجرة سيرا ، أطيل النظر من نافذتي ، ثم أعود مركزا نظري علي المصباح ، تلوح بسمة على ثغري وأنا اتخيله قد أفاق من غفوته وخرج إلي يفرك عينيه محملقا في ومناديا شبيك لبيك عبدك بين أيديك ، سخرت من فكرتي ، قمت مرتديا ملابسي توجهت صوب الطريق في محاولة لمعانقة الاحرف من جديد ،
قادتني خطواتي إلي الشاطئ ، لمحت قارب صغير يتهادى علي سطح الموج ، أقترب من حافة الشاطئ ، دون تفكير قفزت بمساعدة صاحبة ، سألني وهو يبتسم في أدب عن المدة التي أرغب في قضائها متنزها ، أشرت إليه أن ينطلق ولا يسأل ، لم تكن لدي خطة محددة ، بعد صمت طويل ألتفت إلي في محاولة منه لأستدراجي للحديث ، سألني عن عملي ، رددت باقتضاب فهم أنني لا أود الحديث ، عاد إلي صمته وعدت أنا إلي تأملي وأفكاري المتضاربه تضارب الموج ، مرت بذهني حكايات أمي عن عروس البحر ، وكيف سحرت الصيادين بجمالها ، وكم هلك منهم وهم يحاولون الوصول إليها ، وتخيلت بطل القصة الذي أستطاع أن يفك السحر ويتزوج الأميره المسحوره ، أرتج القارب آثر موجه قويه ، أعادتني الهزة إلي واقعي ، تبعتها موجه أشد أفقدتني التوازن ، في لمح البصر وجدتني أصارع الأمواج ، أختفي عن ناظري القارب ، لم أكن اجيد السباحة ، تمنيت في تلك اللحظة أن أرى عروس البحر التي عاشت بخيالي منذ طفولتي ، وتبسمت وأنا أحاول أنقاذ نفسي بضرب المياه بكلتا يداي وصورة الجني تتجسد أمامي ، لم تفلح ضرباتي في أنقاذي ، وجدتني أغوص إلي الأعماق ، لكن العجب أني لم أكن أختنق ، حين لا مست القاع ، بدأت أسير وأنا أتلفت حولي ودهشتي مما أنا فيه تلفني ، بعد عدة خطوات لمحت طيفها لم تكن عيني لتخطئها وهي التي لازمت خيالي منذ الطفوله ، حاولت الأقتراب منها ، نظرت في دلال وهي تسحب ذيلها في حياء وتبتعد ، أختفت بين الصخور ، بدأت اشعر بتسرب الماء عبر أنفي ، أنتابني سعال حاد ، فتحت عيناي بصعوبة وأنا أشعر بالماء ينساب عبر فمي ، وجدتني ممددا علي طاوله ، وحولي جمع من الناس ، تمتم أحدهم بحمد الله ، ورد أخر لقد أنقذ بأعجوبة ، شعرت ببرد يلف جسدي ، أحضر أحدهم غطاء لفني به وهو يسألني عن عنواني ، حين وصلت إلي البيت ودعته شاكرا ، دلفت إلي سريري بعدما بدلت ملابسي ، لم أستطع النوم ، إلتفت إلي طاولتي ، لمحت المصباح فتر ثغري عن أبتسامه ،قمت متثاقلا حملته بين يداي ، بقيت أنظر إليه ولسان حالي يتوسل إلي الجني أن يخرج ، غفوة للحظه كاد أن يسقط من بين يداى ، وضعته برفق فوق الطاولة وإلتقطت قلمي ، بدأت في سطر قصتي الجديدة ، أما أوراقي القديمه فقد نحيتها جانبا ، حين أيقنت أن الجني مازال يرفض الخروج .
تمت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق